الاستشارات القانونية

الاستشارات القانونية:
هي : استكشاف رأي القانون في صدد مسألة معينة، قد تكون محل نزاع جدي أمام القضاء، أو نزاع ممكن أن يقع مستقبلاً، والهدف من الاستشارة في هاتين الحالتين هو معرفة حكم القانون والوقوف على احتمالات صدور حكم لصالح طالب الاستشارة من عدمه، و قد تطلب الاستشارة بشأن مسألة معينة لا تكون محل نزاع، حينها يطلب المستشير الاستشارة حتى يكون على بصيرة عند تصرفه، فلا يتعرض للمساءلة أو الخسارة، أو لسد الثغرات التي يمكن أن يستفيد منها من يتعاقد مع طالب الاستشارة ويتعامل معه.
فالاستشارة بالنسبة لطالبها (المستشير ) تتمثل في طلب معرفة حكم القانون في مسألة معينة، والمستشير قد يكون شخص طبيعي أو شخص معنوي، هيئة حكومية أو غير حكومية، وبالنسبة للمستشار ( محام ، شركة استشارة، مستشار…الخ ) هي إعطاء وبيان الرأي القانوني (الحل القانوني) في خصوص المسألة والقضية القانونية المطروحة، وما يتطلبه ذلك من بيان النصوص القانونية المنطبقة، وتفسيرها بناء على موقف القضاء والفقه في حالة غموضها، وليس من مهمة المستشار إعطاء آرائه الشخصية أيا كانت قيمتها الأدبية والمعنوية .

ومن أمثلة الاستشارة القانونية:
ـ أن يطلب بنك معين من مستشاره القانوني معرفة حكم القانون في المسائل التي يعرضها عليه، ليعين له الوجه الصحيح الذي ينبغي أن يتصرف على مقتضاه حتى يتجنب المساءلة .
ـ أن تطلب شركة تجارية معينة من محام معرفة حكم القانون بالنسبة لنزاع حاصل بينها وبين مجموعة العمال، لتتعرف على ما إن كان في مقدورها اللجوء للقضاء من عدمه، ومدى نجاح مسعاها لو لجأت إلى القضاء .
وكشأن أي استشارة طبية أو فنية أو هندسية، يتعين أن يحدد طالب الاستشارة للمستشار جميع العناصر الواقعية المتعلقة بموضوع الاستشارة وكل أسانيده، لكي يتمكن المستشار أن يبين حكم القانون الموافق لواقع الحالة المعروضة.

أنواع الاستشارة القانونية:
الاستشارة القانونية قد تكون استشارة حيادية أو استشارة موجهة.
أ ـ الاستشارة الحيادية : الغاية من الاستشارة الحيادية هي توجيه طالب الاستشارة بخصوص المسائل والقضايا القانونية المطروحة ، يقوم فيها المستشار بتحليل عام للعناصر المتعلقة بهذه المسألة أو القضية، وتهدف الاستشارة الحيادية إلى تنوير المستشير بجميع النقاط الإيجابية والسلبية الخاصة بالمسألة أو القضية القانونية، أي تبيان جميع النقاط التي من الممكن أن تعود على المستشير بالمنفعة أو بالمضرة.
ب ـ الاستشارة الموجهة : نكون بصدد هذه الاستشارة في حالة قيام نزاع بين طرفين أو أكثر أو نزاع يحتمل وقوعه مستقبلاً، في هذه الحالة تكون الاستشارة أكثر عمقاً، لا يكتفي فيها المستشار بتنوير المستشير فحسب، بل يبين فيها رأي القانون بدقة لترجيح كفة طالب الاستشارة أمام القضاء، ويبرز فيها المستشار النتائج والآثار القانونية بخصوص المسألة المطروحة، و إيضاح ما يتعين فعله من قبل طالب الاستشارة لحصر آثار ذلك في أضيق نطاق.

منهجية الاستشارة
الاستشارة الجيدة تقتضي اتباع مراحل ثلاثة وهي :

1ـ المقدمة .

2 ـ التحليل .

3 ـ الخاتمة .

المقدمة:
في المقدمة يحدد المستشار بدقة إطار الاستشارة والنقاط التي تثيرها، فيذكر الوقائع المطروحة من طالب الاستشارة مرتبة ومنظمة، لأن طالب الاستشارة قد يقدمها له بشكل غير منظم، حتى يسهل للمستشار الوقوف على الاشكالات القانونية التي سيتطرق لها فيما بعد في مرحلة التحليل.
التحليل:
بعد ضبط نطاق الوقائع تأتى مرحلة التحليل وهي أهم مرحلة في الاستشارة القانونية، إذا يقوم فيها المستشار بالعمليات التالية:
– تحديد الإشكالية أو الاشكالات القانونية المطروحة
ـ المناقشة
ـ إعطاء الرأي القانوني بشأن المسائل والقضايا القانونية المطروحة
الإشكالات القانونية يستنتجها المستشار من الوقائع والمعلومات المحددة في الاستشارة، و في بعض الأحيان قد يطرح على المستشار سؤال أو عدة أسئلة، حينها يمكن للمستشار أن يقف على الأسئلة المطروحة عليه، أما إذا كانت هذه الأسئلة غير كافية، فإن المستشار يستخلص الاشكالات الجوهرية المترتبة على الوقائع المطروحة أو الاشكالات المتفرعة عنها.
أثناء المناقشة وتبيان الحكم القانوني يتقيد المستشار بالقاعدة القانونية، ويستوجب عليه أن يرجع إلى النصوص التشريعية والنظامية التي تنطبق على المسألة أو القضية القانونية المطروحة، ويلتزم بحكم النص القانوني الصريح إن كان واضحاً لا لبس فيه، وإن لم يكن هناك نص قانوني لجأ إلى الشريعة الإسلامية، وإن كان النص القانوني غامضاً فسره بما يفسره القضاء والفقه، ويتطرق المستشار إلى الاجتهاد القضائي المتعلق بالقضية المطروحة، خاصة الاجتهاد القضائي المستقر عليه، كما يذكر الآراء الفقهية دون الخوض في تفصيلاتها وذكر النظريات، كما يبين الخلاف الحاصل بين القضاء والفقه إن كان ثمة خلاف حول القاعدة القانونية مع تبيان الراجح منها.
الخاتمة:
في النهاية يقدم المستشار خلاصة رأيه القانوني في المسألة بصورة موجزة ومختصرة ومركزة وبوضوح تام أي إعطاء النتيجة التي توصل إليها دون التحاليل والتفصيلات الأخرى، ليعتمد عليها طالب الاستشارة فيما ينوي اتخاذه من مسلك كان بمثابة باعث على طلب الاستشارة.
والله ولي التوفيق ،،،