قال تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فأبثعو حكماً من أهلهِ وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحياً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيرا (35) } صدق الله العظيم (الآية سورة النساء).فالتحكيم منصوص عليه في القرآن الكريم لحل النزاعات العائلية واستعمل فيما خص كل خلاف سياسي بعد النبي (صل الله عليه وسلم ) كما حدث في صفين .
ولأن الفكر النظامي في المملكة العربية السعودية متأثر بأحكام الشريعة الإسلامية بصورة أساسية ويطبقها وفقاً لتعاليم المذهب الحنبلي ، فلا شيء يمنع مبدئياً استعمال التحكيم لحل أي خلاف.
ما معنى عقد ( شرط ) التحكيم؟
وفق نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية هناك شرط التحكيم السابق للنزاع ، واتفاق التحكيم اللاحق للنزاع ، فقد نصت (المادة 1 من نظام التحكيم) على : ” أنه يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين قائم ، كما يجوز الاتفاق على التحكيم في أي نزاع يقوم نتيجة لتنفيذ عقد معين”.
والخاصية الأساسية والأهم في نظام التحكيم السعودي ولائحته التنفيذية ، تمثلت في إدخال شرط التحكيم في النظام والاعتراف بصحته وقوته الالزامية.
وتأكيداً على ذلك فقد نصت المادة (7) من نظام التحكيم على أنه : “إذا كان الخصوم قد اتفقوا على التحكيم قبل قيام النزاع ، أو إذا صدر قرار باعتماد وثيقة التحكيم في نزاع معين قائم ، فلا يجوز النظر في موضوع النزاع إلا وفقاً لأحكام هذا النظام”.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المحاكم السعودية ترفض مصادقة أي اتفاق تحكيمي لا يتضمن أسماء المحكمين.
نتائج وآثار الاتفاقية التحكيمية:
أنه لا يجوز للجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع أن تنظر بالنزاع ، هذه الخطوة هامة على صعيد التقدم بالتحكيم والتسليم به كمرجع لحسم المنازعات.
ومعنى ذلك أنه إذا كان هناك شرط تحكيمي سابق للخلاف أو قرار باعتماد اتفاق تحكيمي لاحق للخلاف فلا صلاحية للمحاكم القضائية في نظر النزاع .
لكن تجدر الإشارة أنه إذا كان نظام التحكيم قد جرد المحاكم القضائية من الاختصاص أمام شرط التحكيم السابق للنزاع أو اتفاق التحكيم اللاحق للنزاع ، إلا أنه صاغ ذلك على الشكل الآتي:” فلا يجوز النظر في موضوع النزاع إلا وفقاً لأحكام هذا النظام “، والنظام جعل للمحاكم القضائية نوعاً من الوصاية على التحكيم وخولها النظر بموضوع النزاع في حالات معينة بالتحديد والحصر، وأهمها :
(1) إذا تأخر المحكمون عن النظر فيه خلال 90 يوماً.
(2) إذا اعترض على قرار التحكيم أحد الطرفين.
ما هي المنازعات القابلة للتحكيم؟
كل المنازعات تقبل التحكيم ، عدا بعض المسائل ، والنظام السعودي لم يفرق بين النظام المدني والنظام التجاري بالنسبة لآثار شرط التحكيم .
فالقاعدة: أن كل نزاع يقبل التحكيم إلا في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ، كالحدود واللعان بين الزوجين وكل ما يتعلق بالنظام العام ، فلا يجوز التحكيم في المسائل المتصلة بشخص الإنسان دون الحقوق المالية المرتبة على هذه المسائل ، ومثال ذلك أنه لا يجوز التحكيم فيما إذا كان عقد الزواج باطلاً أو صحيحاً ، وأن شخصاً يعتبر وارثاً أو غير وارث… وإنما يجوز التحكيم فيما يترتب على عقد الزواج الباطل ، أو في تحديد النفقة الواجبة.
ولا يُقبل التحكيم أيضاً بموجب نصوص خاصة أو نتيجة لبعض الممارسات الإدارية في المنازعات التالية:
أ – المنازعات بين الشركاء والشركة أو بين الشركاء أنفسهم ، إلا إذا استحصلت الشركة على ترخيص من الوزير يجيز لها ذلك.
ب – المنازعات المتعلقة بعقد التمثيل التجاري.
ج – المنازعات بين المقاول الأجنبي ووكيله السعودي.
مع عدم الإخلال بما تقضي به الأنظمة الأخرى ، تكون هيئة حسم المنازعات التجارية صالحة للنظر في أي نزاع يمكن أن ينشأ في العلاقات ما بين المقاول الأجنبي ووكيله السعودي.
موافقة المحكم على نظر النزاع:
موافقة المحكم على نظر النزاع تُفضي إلى إدخاله في موجبات عقد التحكيم ، فيصبح ملزماً بموجب تحقيق غاية ، وهي إعطاء قرار التحكيم وذلك ضمن المهلة التعاقدية وتحت طائلة المسؤولية التعاقدية.
تسمية المحكمين:
تسمية المحكمين لا تُطرح إلا في التحكيم النابع من شرط تحكيمي سابق للنزاع ، أما اتفاق التحكيم اللاحق للنزاع ، حين يتم يكون مشتملاً على أسماء المحكمين.
وتبنى النظام السعودي مذهب سائر التشريعات العربية وارتضى أن تأتي محاكم الدولة إلى انقاذ التحكيم في حال تعرض التحكيم السابق للنزاع للفشل بفعل عدم تسمية أحد الخصوم محكماً أو امتناع المحكمين أو اعتزالهم العمل ، فإن المحكمة القضائية هي التي تعين المحكم.
وإذا كان التحكيم نابعاً من اتفاق تحكيمي لاحق للنزاع فإن الطرفين ملزمان بتقديم وثيقة التحكيم مع أسماء المحكمين.
طلب التحكيم:
إن التحكيم النابع من اتفاق تحكيمي لاحق للنزاع يحتاج لإجراء مكمل يبدأ بتقديم طلب تحكيم وتصدر المحكمة قرارها بالمصادقة على الاتفاق على التحكيم خلال مهلة خمسة عشر يوماً وتخطره إلى الهيئة التحكيمية.
ويكون هذا أول إجراء من اجراءات المحاكمة النابعة من اتفاق تحكيمي لاحق للنزاع.
أما التحكيم النابع من شرط تحكيمي سابق للنزاع فهو لا يبدأ بهذا الإجراء بل تبدأ الهيئة التحكيمية جلسات المحاكمة مباشرة ، إلا إذا حصل تخلف أو تباطؤ في تسمية المحكمين ، أي إذا لم تتألف المحكمة التحكيمية ، حينئذ إذا كان التحكيم غير نظامي عينت الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع من يلزم من المحكمين في جلسة وجاهية ، أما إذا كان التحكيم نظامياً دائماً فيسمي رئيس غرفة التجارة محكم الطرف المتخلف عن التسمية ، وبذلك تصبح المحكمة التحكيمية قادرة على مباشرة السير بإجراءات المحاكمة.
والله ولي التوفيق ،،،